Published April 9, 2025
تأثير الشِعر في الإعلانات
الشِعر ليس مجرد كلمات موزونة تتراقص بإيقاع جميل، بل هو أداة قوية تلامس المشاعر وتحفر في الذاكرة. في عالم الإعلانات، يمتلك الشِعر تأثيرًا سحريًا يجذب الانتباه ويجعل الرسائل التسويقية أكثر إيقاعًا وتأثيرًا. فمن خلال القوافي والجرس الموسيقي، تتحول الإعلانات إلى عبارات سهلة التذكر، تعلق في الأذهان وتترسخ في وجدان الجمهور.
من jingles الغنائية التي نرددها دون وعي إلى الشعارات الإعلانية التي تحمل بُعدًا إبداعيًا، يثبت الشِعر أنه ليس مجرد زينة لغوية، بل وسيلة تسويقية فعالة تعزز الارتباط العاطفي بين العلامة التجارية والمستهلك. في هذه التدوينة، سنستكشف كيف يضفي الشِعر على الإعلانات لمسة فنية ترفع من قيمتها وتزيد من تأثيرها.
قُل للمَليحة في الخِمار الأسود.. ماذا فعلتِ بناسكٍ متعبّد
الإعلان ليس وليد العصر الحديث؛ بل هو فكرة قديمة عرفها العرب منذ زمنٍ بعيد، وتحديدًا من خلال الشعر، فقد كان الشعراء يلعبون دورًا مشابهًا للمسوّقين اليوم، حيث استُخدم الشعر للترويج والتأثير، ومن أحد الأسماء البارزة في هذا المجال هو الشاعر ربيعة بن عامر، المعروف بلقب «مسكين الدرامي» لقوله:
«أنا مسكين لمن يعرفُني
لوني السمرةُ ألوان العرب»
اشتهر بقدرته على صياغة أبيات شعرية تصف جمال البضائع وتقنع الناس بجودتها، مستخدمًا لغة جذابة وسهلة الحفظ، ويمكن اعتباره أحد أوائل مَن دمج الكلمة المؤثرة بالفن التسويقي، في الزمن القديم لم يكن الشعر مجرد وسيلة للتعبير أو الترفيه، بل كان أداة قوية للإقناع، نقل الرسائل، وبناء السُمعة، تمامًا كما يعتمد المسوقون اليوم على الشعارات المؤثرة، كان العرب يعتمدون على أبيات شعرية تخاطب العقل والقلب، تُخلّد في الذاكرة، وتصبح رمزًا للرسالة التي يريد الشاعر إيصالها.
الشعر والإيقاع في الإعلانات
مع تطوّر الزمن، بقيت الكلمة الموزونة عنصرًا قويًا في عالم التسويق، مثال على ذلك من فترة الثمانينيات، إعلان شركة قشطة التاج «قشطة التاج… آخر مزاج» هذه العبارة القصيرة اعتمدت على الإيقاع لجذب الانتباه بسهولة، ونجحت في ترسيخ العلامة التجارية في ذهن المستهلكين، كما أن اختيار كلمة «مزاج» أضاف لمسة عاطفية تربط المنتج بالحالة النفسية الإيجابية، وتوضّح أن استهلاك قشطة التاج يضيف شعورًا بالسعادة والرضا إلى الحياة اليومية.
قوة استخدام الكلمات الإيقاعية ساهم في تعزيز هوية المنتج، وجعل الإعلان قريب من الجمهور وسهّل تذكره، وهذا يبرز قدرة الشعر على خلق روابط عاطفية مع المستهلك.
سواء في عصور الشعراء العرب الأوائل أو في العصر الحديث، الشعر والإيقاع ليس مجرد صياغة جميلة، بل أداة تسويقية تُلهم الجمهور، تحفزهم، وتبقى في ذاكرتهم لفترة طويلة.
قدّمت أيضًا كلوقز كورن فليكس إعلانًا أسطوريًا استطاع أن يحفر مكانًا في ذاكرة جيل كامل، مستخدمًا الكلمات الموزونة والإيقاع البسيط لجذب الانتباه، بصوت دافئ وعبارات مثل «صباح الخير والحيوية مع رقائق الذرة الذهبية» نجح الإعلان في ربط المنتج بروح الصباح، حيث جعل الجمهور يشعر أن كلوقز كورن فليكس ليس مجرد وجبة فطور، بل بداية يوم مليء بالنشاط والحماس.
الإعلان لم يكن مجرد كلمات تصف المنتج، بل استخدم الإيقاع واللغة القريبة من الناس ليخلق صورة ذهنية لا تُنسى، مع التركيز على عبارات مثل «وجبة شهية مع حليب وسكر» و «تسع فيتامينات غنية» ليقدّم الإعلان رسالة مفادها أن هذه الوجبة ليست فقط لذيذة، بل مُغذية وتلبي احتياجات الأسرة بأكملها، بالإضافة إلى أن الأجواء الإيجابية في الإعلان، من النغمة الصوتية إلى النص الشعري، كانت بمثابة دعوة مفتوحة لكل منزل، ليجعل كلوقز كورن فليكس جزءًا من طقوسه الصباحية.
ببساطة، هذا الإعلان مثالًا حيًا على كيف يمكن للشعر والإيقاع أن يحوّل منتجًا عاديًا إلى رمز يعكس طاقة وإيجابية ليوم جديد.
لغة لا تُنسى، تخلق حولها عادات وذكريات
الشعر عندما يُدمج مع الألحان، يتحول إلى هوية صوتية تظل في الذاكرة طويلًا.
في عالم الإعلانات، قليل من العلامات التجارية التي تستطيع خلق هوية صوتية تتجاوز كونها مجرد كلمات لتصبح موسيقى عالقة في الذاكرة، مثل إعلان فيمتو الذي تكرر لسنوات بلحنه العذب وعبارته الشهيرة «للقاء حلاوته» يُعد أحد أبرز الأمثلة على قوة الشعر والإيقاع في بناء هوية صوتية قوية، الجملة البسيطة والإيقاع المميز فيها استطاعا أن يرسّخا مكانة فيمتو كرمز أساسي يرتبط بشهر رمضان في أذهان الجمهور، حتى أن اللحن المستخدم في الإعلان كان منسجمًا مع روح الشهر الكريم، مما جعل الرسالة تصل إلى القلب دون تعقيد، هذا الإعلان مثال أكثر من رائع على كيف يمكن للإيقاع أن يتحول إلى لغة مشتركة بين العلامة التجارية وجمهورها، استخدام الكلمة الصحيحة والإيقاع اللطيف لم يروّج فقط للمشروب، بل أسس ارتباطًا عاطفيًا بين المنتج وتجربة اجتماعية وروحية يعيشها الناس كل عام.
كيف تُسخّر سحر الكلمات في إعلاناتك؟
عندما يتعلق الأمر بالشعر في الإعلانات، فإن التفاصيل الصغيرة تصنع الفرق، ليس الهدف أن يكون الإعلان قطعة أدبية معقدة، بل أن يُصاغ بعبارات قريبة من القلب، سهلة الحفظ، ولها أثر.
اجعل الإيقاع طبيعيًا ومريحًا
تخيّل العبارات تنساب كالموسيقى في الأذن، اختر كلمات تحمل نغمة مريحة ومألوفة، لأن الإيقاع الطبيعي يجعل الإعلان أقرب وأكثر تأثيرًا.
ابحث عن الصدى الثقافي
لتصل إلى جمهورك بفعالية، استخدم كلمات وعبارات مألوفة لديهم، صياغة الرسالة بعبارات متجذرة في ثقافة جمهورك يخلق شعورًا بالألفة ويزيد من تأثير الإعلان.
لا تجعل الشعر معقدًا
البساطة هي سر الشعر الإعلاني الناجح، ركّز على العبارات التي يفهمها الجمهور بسرعة دون حاجة للتفكير العميق.
اشبك هويتك الصوتية بالشعر
إذا كان إعلانك يعتمد على الصوت، فإن الشعر يمكن أن يصبح جزءًا أساسيًا من اللحن أو الجملة الموسيقية، الهوية الصوتية القوية تجعل العلامة التجارية مميزة، مثل شركة المراعي التي رسّخت عبارة «جودة تستحق الثقة» بإيقاع مميز وسهل الحفظ.
اربط الكلمات بالإحساس
الشعر الناجح في الإعلانات لا يُخاطب العقل فقط، بل يُثير المشاعر أيضًا، لأنه يحمل إحساسًا قويًا يجعل إعلانك لا يُنسى.
كن مبتكرًا في استخدام الكلمات
إذا أردت أن تُحدث تغييرًا حقيقيًا، لا تخف من تجربة أشكال جديدة للشعر في الإعلان، اجعل الكلمات تُغنّي قصتك، تمامًا كما فعلت زين في إعلاناتها الرمضانية السنوية باستخدام قصائد تلامس الروح وتُشعر المشاهدين بأنهم جزء من القصة.
توظيف الشعر بذكاء، يبيّن أن الكلمات ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل أداة تُحرك المشاعر وتُرسّخ العلامة التجارية بعمق في ذهن جمهورك.
كلمات تنقال.. وتأثير ما يزول
الشعر في الإعلانات ليس مجرد وسيلة لجذب الانتباه؛ بل أداة لبناء جسور مع جمهورك تلامس مشاعرهم، وتخلق ذكريات لا تُنسى في عالم التسويق المزدحم بالإعلانات، الكلمات المتسقة والإيقاع المدروس هي صوتك المميز الذي يُسمع وسط كل الأصوات.
وتذكر دائمًا أن الإعلان الناجح هو ذلك الذي لا يكتفي بإيصال الرسالة، بل يجعلها تُغنَّى، تُروى، وتبقى حاضرة في قلوب الناس قبل عقولهم، فاستخدام الشعر في إعلانك ليس فقط اختيار إبداعي هو أيضًا استثمار يقدم تجربة شعورية ترتبط بجمهورك على المدى الطويل.
المصادر:
blog, marketing, التسويق, التسويق الرقمي, الشعر, الشعر العربي, مشبك